ملف خاص: المعارضة السورية تطرح مشروعها

"الإخوان" و"التجمع" يدعوان إلى تنسيق جهود المعارضة

حفل هذا الأسبوع بتحرك نشط لأحزاب المعارضة السورية، التي استعادت حيويتها، ودعت إلى تنسيق الجهود، من أجل تحقيق دولة العدل والقانون.

فقد وجهت جماعة الإخوان المسلمين (المحظورة) دعوة إلى أحزاب المعارضة والشخصيات السياسية الداعمة لما سمته التغيير الإيجابي في سورية، من أجل تشكيل جبهة سياسية جديدة، يتفق أطرافها على "ميثاق وطني" للعمل السياسي في سورية.

وحثت الجماعة، الأكبر بين قوى المعارضة السورية، باقي الأحزاب والشخصيات على حضور مؤتمر ستدعو إليه قريباً لمناقشة مشروع ميثاق الشرف الوطني الذي اقترحته في وقت سابق من العام الحالي. وكانت "أخبار الشرق" كشفت النقاب عن الدعوة يوم الجمعة الماضي، قبل أيام من توجيهها رسمياً.

وتزامنت دعوة الإخوان هذه مع إعلان التجمع الوطني الديمقراطي في سورية، الذي يضم خمسة أحزاب سياسية غير مرخصة، نفسها هيئة سياسية علنية للمعارضة، رغم عدم الاعتراف الحكومي بها. وضمن التجمع الوطني الديمقراطي إعلانه برنامجاً سياسياً، ونظاماً أساسياً.

وكان حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم في سورية قد عقد اجتماعاً للجبهة الوطنية التقدمية في دمشق استمر ثلاثة أيام، ناقش خلاله ممثلو فروع أحزاب الجبهة المشاركة في السلطة قضايا داخلية واقتصادية، وطالبوا بقانون جديد للأحزاب دون التخلي عن العمل من خلال الجبهة.

وأكدت السلطات السورية مراراً في الأشهر الأخيرة أن لا مكان في البلاد للعمل السياسي خارج إطار الجبهة الحاكمة، وفي هذا السياق دعت الحزب السوري القومي الاجتماعي لحضور اجتماعات الجبهة بصفة مراقب، الأمر الذي عزز التكهنات باحتمال ترخيص الحزب وضمه إلى الجبهة في المستقبل القريب.

 

الإخوان: نحو جبهة سياسية جديدة

وجهت جماعة الإخوان المسلمين في سورية دعوة إلى "جميع القوى الوطنية والأحزاب السياسية التي تتطلع إلى غد أفضل في ظل حياة حرة كريمة"، لحضور مؤتمر من أجل تشكيل جبهة تدعو إلى ميثاق سياسي وطني جديد.

وقالت الجماعة في الدعوة التي حصلت "أخبار الشرق" على نسخة منها إن ذلك لا يستثني أحداً من رجال السياسة والفكر الذين يحملون "لواء التغيير الإيجابي داخل الوطن وخارجه".

وقد أرفقت الدعوة الإخوانية بنص "مشروع ميثاق الشرف الوطني" الذي أعلنته الجماعة في 3 أيار الماضي، وأثار ردود فعل واسعة، وحظي بمناقشات مطولة في الصحافة العربية. وقال نص الدعوة إن ميثاق الشرف الوطني الذي طرحته الجماعة هو "ورقة عمل" على جدول اللقاء القادم "تتضمن الثوابت والضوابط والأسس المقترحة للعمل السياسي المستقبلي" في سورية.

واقترحت جماعة الإخوان المسلمين في سورية توافق القوى، التي تعلن "بالطريقة التي تراها مناسبة" استعدادها لحضور المؤتمر الذي لم يحدد موعده بعد ولكن يزمع "عقده خلال الفترة القادمة"؛ بعد مناقشة مشروع ميثاق الشرف الوطني وإبرامه وتوقيعه على تشكيل ما سمته "جبهة الميثاق الوطني".

ونصت الدعوة الإخوانية على وقوف الجميع "في خندق واحد"، وعلى الحاجة إلى "سياسات تؤلف القلوب وترص الصفوف وتستقطب الجهود"، بحيث يمكن إنجاز "كل ما من شأنه بناء سورية الحديثة، وتحقيق أهداف الميثاق، في سعي وطني جماعي يتجاوز بالوطن والأمة تراكمات المحن ويتصدى للأخطار والتحديات، لتأخذ سورية مكانتها على الخارطة العربية والحضارية أنموذجاً فاعلاً ومتقدماً".

كما أكدت الدعوة أن نص الميثاق ما زال "مشروعاً وطنياً أولياً إلى أن يتم إبرامه والتواثق عليه"، وأن باب الحوار ما زال مفتوحاً لاستقطاب المزيد من القوى والشخصيات الوطنية.

أخبار الشرق - خاص

 

"ميثاق الإخوان": دعوة إلى التعددية والاحتكام إلى صناديق الاقتراع

عرضت جماعة الإخوان المسلمين السورية على مختلف القوى السياسية "مشروع ميثاق شرف وطني للعمل السياسي", لتنظيم الحياة السياسية والعلاقات بين مختلف مكوناتها على أسس وقواعد متينة, وقالت إن المشروع معروض للحوار "لإنجاز ميثاق شرف وطني, ينظم مسيرة العمل السياسي في مرحلة من أدق المراحل".

وقالت الجماعة إنها تلبثت زمنا قبل إطلاق هذه المبادرة الوطنية الشاملة، منتظرة أن يكون للرئيس السوري بشار الأسد فضل السبق إلى لم الشمل الوطني؛ بالدعوة إلى حوار يستدعيه الرشد، وتوجبه التحديات. وأضافت تقول لقد "ولى الزمن الذي يقول الفرد فيه: أنا الدولة, أو يدعي فيه حزب أنه الوطن، وقصارى أمر أي فريق سياسي أن يأخذ مكانته على الخريطة الوطنية, بالحجم الذي تمنحه إياه مرتسماته الواقعية، عبر صناديق اقتراع حر ونزيه".

واعتبرت الجماعة أن سبقها "إلى طرح هذه المبادرة، بالتقدم بهذه الأوراق الوطنية، لا ينتقص من حقوق الآخرين، في أن تكون لهم رؤيتهم (الكلية) أو (الجزئية) في تطوير هذا المشروع، أو تعديله بما يتيح له قبولا أوسع عند دوائر أكثر من أبناء قطرنا الحر الأبي .. من خلال معطيات الحوار الإيجابي البناء", بحسب قول نص مشروع الميثاق المقترح.

وأكدت الجماعة على أن دعوتها "إلى المشاركة في الحوار حول مشروع هذا الميثاق، مفتوحة لجميع القوى السياسية، والشخصيات العامة", وقالت "تحت خيمة الحوار الوطني، ليس أحد بأولى في الوجود من أحد، وليس لأحد أن يفرض الوصاية على أحد. وربما وضح الحوار مبهما، أو ردم هوة، أو ضيق فرجة، وكل هذا مما يوحد الموقف، ويدفع المسيرة، ويعلي البنيان".

ووضع مشروع الميثاق، ثوابت وأهداف والتزامات لتنظيم الحياة السياسية السورية. وفي باب الثوابت أكد مشروع الميثاق أن الحوار لا يمكن أن يكون في المطلق ولا أن ينشأ في الفراغ، "فلسنا نحن السوريين - كما يقول مشروع الميثاق - نجما فقد موقعه، أو أضاع مداره، بل إن لنا وجودا ثابتا وراسخا على خريطتي الزمان والمكان. وبالتالي فإن دعوتنا إلى الحوار، ترتكز تلقائيا على مجموعة من الثوابت يفقد الأمة تجاوزها: وجودها وقوتها وتميزها بين العالمين".

وأول هذه الثوابت في مشروع ميثاق الجماعة "أن الإسلام بعقيدته الخالصة، وقيمه العليا، وروح شريعته السمحة؛ يشكل مرجعية أولى، وهوية ذاتية وحضارية لأبناء هذه الأمة، يحفظ عليها وجودها، ويبرز ملامح خصوصيتها، ويشكل مضمون خطابها للناس أجمعين".

وأضاف المشروع إن "الإسلام بالنسبة لأبناء قطرنا العربي السوري، إما مرجعية دينية، أو انتماء حضاري؛ فهو بالتالي كلي جامع لأبناء الوطن، موحد بينهم، حافظ لوجودهم" .. واعتبر الميثاق المقترح "المواجهة بين العروبة والإسلام، كانت عنوان مرحلة تاريخية تصرمت"، وأن تلك المواجهة قد نشأت "عن عوامل من الانفعال وسوء الفهم، وحمى الأيديولوجيا، التي سادت المناخ العام في فترات ما بعد الاستقلال".

وقال مشروع الميثاق إنه "كما كان انتماء قطرنا إلى إسلامه هوية ومرجعية غير مضر بوحدته الوطنية، فإن انتماءه إلى عروبته، لا يحمل أي بعد عنصري أو استعلائي، حيث يجد أبناء الوطن أجمع سر مواطنتهم في روح العدل والتآخي والمساواة، والمشاركة التاريخية في سراء الوطن وضرائه على حد سواء".

أما ثاني الثوابت فهو "انتماء قطرنا العربي السوري، إلى منظومته العربية، الذي ينبغي أن يعتبر أساسا في بناء أي استراتيجية سياسية مستقبلية".

وأكد مشروع الميثاق على ضرورة "أن يعبر هذا الانتماء عن نفسه في تجسد واقعي فعال يوثق الروابط, ويؤكد العلائق، ويسير بالأمة في طريق التوحد, ضمن سياسات منضبطة ومدروسة، ولا يجوز أن يبقى متمثلا في رؤى ذهنية، أو في مشاعر أو أحلام عاطفية".

واعتبر مشروع الميثاق أن تأكيده "على المرجعية والهوية، والانتماء؛ لا تحول أبداً بيننا وبين الاستفادة من تجارب الأمم، وخبرات الشعوب، ومعطيات العصر الذي نعيش". وقال "إننا مدعوون  حسب مرتكزاتنا الحضارية إلى أن نخوض غمار التنافس إلى أقصى مداه، ليكون لنا فيه فضل السبق، وأولوية التمكين.. وتبقى الحكمة بكل أبعادها ضالة لنا أنى وجدناها فنحن أحق بها وأهلها".

وبالنسبة للأهداف اعتبر مشروع الميثاق أن هدفه الأول بناء الدولة الحديثة, باعتبارها "دولة تعاقدية، ينبثق العقد فيها عن إرادة واعية حرة بين الحاكم والمحكوم". وقال إن "الصيغة التعاقدية للدولة هي إحدى عطاءات الشريعة الإسلامية للحضارة الإنسانية".

ورأى أن "الدولة الحديثة دولة مؤسسية، تقوم على المؤسسة من قاعدة الهرم إلى قمته. كما تقوم على الفصل بين السلطات، وتأكيد استقلاليتها. فلا مجال في الدولة الحديثة لهيمنة فرد أو سلطة أو حزب، على مرافق الدولة أو ابتلاعها".

وفي الدولة الحديثة، كما يراها الميثاق "تعلو سيادة القانون، ويتقدم أمن المجتمع على أمن السلطة، ولا تحل فيها حالة الطوارئ مكان الأصل الطبيعي من سيادة القانون".. و"الدولة الحديثة، - بالنسبة للميثاق أيضاً - دولة (تداولية)، ومن هنا جاء اشتقاق (الدولة) العربي, وتكون صناديق الاقتراع الحر والنزيه أساسا لتداول السلطة بين أبناء الوطن أجمعين".

ويرى الميثاق أن من خصائص "الدولة الحديثة.. (أنها) دولة تعددية، تتباين فيها الرؤى، وتتعدد الاجتهادات، وتختلف المواقف. وتقوم فيها قوى المعارضة السياسية، ومؤسسات المجتمع المدني بدور المراقب، والمسدد حتى لا تنجرف الدولة إلى دائرة الاستبداد أو مستنقع الفساد".

وبالنسبة لدور الجيش في الدولة الحديثة, كما يراها الميثاق المقترح من الجماعة, فإنه "يتركز في الدفاع عن الوطن, وفي حمايته من أي عدوان خارجي. ويكون شرف الانتماء لهذه المؤسسة الوطنية حقاً عاماً لجميع المواطنين، على أسس من المساواة المطلقة".

ويجعل مشروع الميثاق المقترح من قبل جماعة الإخوان المسلمين السورية مواجهة تحدي البناء العام هو هدفه الثاني, ويطال البناء العام "بناء الإنسان الفرد وعيا وسلوكا والتزاما في عصر تعصف فيه رياح العولمة الهوجاء بروح الإنسان وخصوصيته وانتمائه", وهو أيضا "بناء المجتمع المتكافل المتضامن, الذي تسوده المحبة والإخاء، وروح العدالة الاجتماعية في صورتيها الأصيلة وما فيها من تلاحم وتعاون، والمعاصرة وما فيها من تنظيم ومؤسساتية".

كما يطال البناء العام في المشروع "بناء مؤسسات المجتمع المدني بوحداتها الاجتماعية والاقتصادية، والثقافية، والمهنية, لتأخذ دورها في حماية المجتمع وترشيده, وبناء روح الإنجاز وقبول التحدي، ومقاومة كل أشكال الاسترخاء، والتواكل، والأنماط الاستهلاكية المدمرة والكسلى", و"بناء النظم والآليات, التي تعين على استغلال ثروات الوطن وتوظيفها في تطويره ونمائه، والحفاظ على كرامة بنيه".. و"بناء الضوابط والقواعد التي تحول دون انتشار الفساد بإشكاله وألوانه، وحياطة المال العام وصون ثروات الوطن", و"بناء خطط التنمية العامة وإخراج القطر من رهق المديونية، وأسر صندوق النقد الدولي واشتراطات النظام العالمي الجديد".

وثالث أهداف مشروع الميثاق المقترح من قبل الجماعة التصدي للمشروع الصهيوني, باعتباره يشكل "بأبعاده العسكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية، الخطر الأكبر الذي يهدد أمتنا وقطرنا والذي يستدعي جمع القوى، وحشد الطاقات للتصدي له, وهو مشروع يسعى للسيطرة على الإنسان والأرض والثروة".

ويؤكد مشروع الميثاق، على عروبة الأرض الفلسطينية, وعلى حق الشعب الفلسطيني في العودة الكريمة إلى أرضه ودياره. وهو يتمسك بالأرض السورية المحتلة, ويؤكد على ضرورة التعاون والتعاضد لاستعادتها كاملة السيادة, على أن يضع الموقعون على هذا الميثاق "الخطط والبرامج الآليات المناسبة لمقاومة المشروع الصهيوني بأبعاده كافة, ولتعزيز سياسات المقاطعة ووقف عمليات التطبيع أو الحديث الملحون عن سلام يمكن للعدو في الأرض أو في الثروة أو في إرادة الإنسان".

ويؤكد الميثاق بالنسبة لجانب الالتزامات "أن المواطنة حقوق وواجبات، وعلى أن المشاركة الإيجابية، في القرار الوطني، وفي حماية الوطن وفي بنائه والارتقاء به واجب وطني ليس لأحد حق الاستقلال به، أو الحجر عليه".

ويعتبر الميثاق الاختلاف بين الناس في الرؤية والاجتهاد والموقف، سنة من سنن الخيرات, وأن الاختلاف مشروع ومعتبر، ما دام في إطار الثوابت الوطنية, وفي توجهات الخير والنفع العام، ويعتبر أن المساواة، وتكافؤ الفرص، يثمران الوحدة، وهي القاعدة الوطنية الأمكن للبناء الوطني المنشود.

ويؤكد الميثاق على أن الاعتراف بالآخر الوطني (العقائدي - والسياسي - والفكري والثقافي ..) ركيزة أساسية من ركائز التفكير والحركة, ويرى أن الأيام أثبتت فشل سياسات الاستئصال أو التشويه أو تجفيف المنابع، فليس في وسعة أحد أن يمحو الآخر أو ينفيه, حسب قول المشروع, وأن الحوار البناء والجدال بالتي هي أحسن هي الوسيلة الأقرب والأرقى للتعامل مع الآخر وفهمه، وبناء جسور التعارف والتقارب والتواصل معه، وأن من شأن الحوار الإيجابي أن يؤكد على المشترك, وأن يحدد ويضيق مساحات الاختلاف.

ويرى مشروع الميثاق أن أي اختلاف في الرؤى العامة والسياسات العليا والقرارات المصيرية تحكمه صناديق اقتراع حر ونزيه, أو مؤسسات الدولة المنبثقة عن صناديق اقتراع حر ونزيه, أو قضاء عادل مستقل.

وأكد الميثاق على ضرورة التمييز المطلق  بين مصطلح الدولة (أرض ـ شعب ـ سلطات ـ قانون) وبين مصطلح الحكومة (السلطة التنفيذية), وحذر من تغول السلطة (التنفيذية) أو (الأمنية) على مقدرات الدولة (إنسانها ـ  وآلياتها ـ ومرافقها).

ودعا الميثاق إلى الالتزام "بمواجهة التحديات الخارجية المفروضة على الوطن مهما كان مصدرها وصبغتها، بروح البنيان المرصوص, معلين من شأن التضحية، في سبيل حماية الوطن وأمنه وعزته", وأن تتقدم في كل الموازنات السياسية مصلحة الوطن العليا على المصالح الذاتية والخاصة لأي فريق من الفرقاء, مهما كان, في التنازل عن المصلحة الذاتية من ألم أو تضحية أو شعور بالغبن.

وشدد الميثاق على ضرورة أن تمارس القوى المختلفة دورها في الحياة العامة، بشفافية، وتحت الشمس، بعيدا عن جميع أشكال التعتيم أو السرية, وأن تقاوم كل الأسباب والمدخلات التي تؤدي إلى إحراج العمل الوطني، أو دفعه للتستر والاختباء, وطالب بأن يشمل هذا الوضوح والنقاء المبادئ والبرامج والسياسات والأنشطة والعلاقات.

وأكد الميثاق على ضرورة نبذ العنف من الحياة السياسية, ورأى في الحلول الأمنية لمشكلات الدولة والمجتمع, وفي عنف السلطة التنفيذية, مدخلا من مداخل الفساد. وميز الميثاق بين الإرهاب الدولي كوسيلة من وسائل بث الذعر، والابتزاز السياسي, وبين أشكال المقاومات الوطنية التي تلجأ إليها الشعوب في الدفاع عن حقوقها والانتصار لقضاياها.

ونص الميثاق، على حماية حقوق الإنسان، والمواطن الفرد، والانتصار للمظلوم والمستضعف، وصون المرأة والدفاع عن حقوقها، والتأكيد على مساواتها مع شقيقها الرجل في اعتبارات الأهلية الإنسانية والمدنية.

 وأبدى الميثاق تفهمه للتدرج في تحقيق أهدافه العامة في ظلال الشعور بالمسئولية الوطنية، وتقدير ظروف الواقع ومتطلباته، مؤكدا في الوقت نفسه على ضرورة معالجة الملف الإنساني بكل أبعاده معالجة سريعة وشاملة.

خدمة قدس برس

 

التجمع الوطني الديمقراطي: صيغة توحيدية وفتح باب التحالف

أعلن التجمع الوطني الديمقراطي في سورية نفسه هيئة سياسية معارضة، عبر وثيقة تتضمن برنامجا سياسيا ونظاما أساسيا.

وعرف التجمع نفسه في أول وثيقة علنية بأنه "تحالف سياسي للمعارضة الديمقراطية، بتياراتها الوطنية المتعددة، يجمعها على اختلاف رؤاها الأيديولوجية هدف مشترك هو التغيير الوطني الديمقراطي وإقامة دولة الحق والقانون التي تصون وحدة المجتمع وتعبر عنها".

وعن أهدافه قال التجمع إنه يعمل "على إرساء الحقوق الأساسية للمواطن وتحقيق العدالة الاجتماعية والتجمع إطارا للتفكير والعمل وممارسة الديمقراطية لمجموعة من المهتمين بالشأن العام والملتزمين بالأهداف الكبرى لأمتهم العربية وبمشروع نهوضها، وبالتصدي للمعوقات الداخلية والخارجية التي تعترض سبيل تحررها ووحدتها وتقدمها".

وأوضح التجمع في وثيقته البرنامجية أنه يسعى "ليصبح إطاراً سياسياً تتفاعل فيه الأحزاب والهيئات والشخصيات من خلال الممارسة والعمل المشترك لتحقيق برنامجه الوطني اللازم لبناء الحياة السياسية على أسس ديمقراطية".

وأضاف "وهو يتسع ليشمل مجموعات متنوعة ثقافية ومهنية وشعبية وديمقراطية، تعبر عن مصالح وتوجهات قطاعات واسعة من مجتمعنا، وهو لا يصادر حق أي حزب في التعبير عن نفسه، كما لا يصادر حق الطبقات والفئات الاجتماعية المختلفة في إنتاج تعبيراتها السياسية".

هذا وقد تأسس التجمع الوطني الديمقراطي عام 1979 من خمسة أحزاب سياسية ذات تلاوين أيديولوجية مختلفة، هي: حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي، والحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي، وحزب العمال الثوري العربي، وحزب البعث العربي الاشتراكي الديمقراطي، وحركة الاشتراكيين العرب.

أخبار الشرق - خاص

 

وثائق

مشروع ميثاق شرف وطني للعمل السياسي

أوراق أولية

(وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، واتقوا الله)

هذه الأوراق ..

تمثل هذه الأوراق أفكاراً أولية، تطرحها جماعة الإخوان المسلمين في سورية، حول قواعد العمل السياسي وضوابطه ( الثوابت ـ الأهداف ـ الأسس والالتزامات.)

وهي أوراق مطروحة للحوار، لإنجاز ميثاق شرف وطني، ينظم مسيرة العمل السياسي، في مرحلة من أدق المراحل؛ في التحولات السياسية الدولية والإقليمية والداخلية. فقد ولى الزمن الذي يدعي فيه حزب أنه الوطن، وقصارى أمر أي فريق سياسي، أن يأخذ مكانه على الخريطة الوطنية، بالحجم الذي تمنحه إياه مرتسماته الواقعية، عبر صناديق اقتراع حر ونزيه.

المبادرة..

إن مبادرتنا بالتقدم بهذه الأوراق الوطنية، لا تنتقص من حقوق الآخرين، في أن تكون لهم رؤيتهم (الكلية) أو (الجزئية) في تطوير هذا المشروع، أو تعديله، بما يتيح له قبولاً أوسع، عند دوائر أكثر، من أبناء شعبنا الحر الأبي.. من خلال معطيات الحوار الإيجابي البناء.

ومن هنا تأتي دعوتنا إلى المشاركة في الحوار حول مشروع هذا الميثاق، مفتوحةً لجميع القوى السياسية، والشخصيات العامة (الفكرية والثقافية..)، فتحت خيمة الحوار الوطني، ليس أحد بأولى بالوجود من أحد، وليس لأحد أن يفرض الوصاية على أحد. وربما وضح الحوار مبهماً، أو ردم هوة، أو ضيق فرجة، وكل هذا مما يوحد الموقف، ويدفع المسيرة، ويعلي البنيان.

إن المطلب السياسي الأول، الذي ينبغي أن تجاهد جميع القوى السياسية من أجله، هو تثبيت حقها في وجود رسمي قانوني، تحمل عبئها الوطني من خلاله، وربما من المفيد أن نؤكد أن هذه القوى على اختلاف توجهاتها، إنما تستمد شرعيتها من وجودها الواقعي المتمثل في جماهيرها، لا من قانون يوقع عليه قلم رسمي، و لا من وثيقة يتلون حبرها مع تلون الزمان.

أولاً: في الثوابت

إن الإيمان (بالحوار)، والدعوة إليه، لا يمكن أن تكون في (المطلق)، ولا أن تنشأ في (الفراغ)، فلسنا (نحن السوريين) نجماً فقد موقعه، أو كوكباً أضاع مداره، بل إن لنا وجوداً ثابتاً وراسخاً على خريطتي الزمان والمكان. وبالتالي فإن دعوتنا إلى الحوار، ترتكز تلقائياً على مجموعة من الثوابت يفقد الأمة تجاوزها، وجودها وقوتها وتميزها بين العالمين..

وأول هذه الثوابت أن (الإسلام) بمقاصده السامية، وقيمه العليا، وشريعته السمحاء؛ يشكل مرجعيةً حضارية، وهويةً ذاتيةً، لأبناء هذه الأمة، يحفظ عليها وجودها، ويبرز ملامح خصوصيتها، و يشكل مضمون خطابها للناس أجمعين.

والإسلام بالنسبة لأبناء قطرنا العربي السوري، إما مرجعية دينية، أو انتماء حضاري؛ فهو بالتالي كلي جامع لأبناء الوطن، موحد بينهم، حافظ لوجودهم..

وثاني هذي الثوابت انتماء قطرنا العربي السوري إلى منظومته العربية، هذا الانتماء الذي ينبغي أن يعتبر أساساً في بناء أي استراتيجية سياسية مستقبلية. وإنه لمن الضروري أن يعبر هذا الانتماء عن نفسه، في تجسد واقعي فعال، يوثق الروابط، ويؤكد العلائق، ويسير بالأمة في طريق التوحد، ضمن سياسات منضبطة ومدروسة، ولا يجوز أن يبقى متمثلاً في رؤى ذهنية، أو في مشاعر أو أحلام عاطفية.

ثم إن المواجهة بين العروبة والإسلام، كانت عنوان مرحلة تاريخية تصرمت، ولقد نشأت تلك المواجهة عن عوامل من الانفعال وسوء الفهم، وحمى الإيديولوجيا التي سادت المناخ العام في فترات ما بعد الاستقلال.

وكما كان انتماء قطرنا إلى إسلامه هوية ومرجعية، غير مضر بوحدته الوطنية، فإن انتماءه إلى عروبته، لا يحمل أي بعد عنصري أو استعلائي، حيث يجد أبناء الوطن أجمع، سر مواطنتهم في روح العدل و التآخي والمساواة، والمشاركة التاريخية في سراء الوطن و ضرائه على حد سواء..

وثالث هذه الثوابت: إن تأكيداتنا السابقة على المرجعية والهوية والانتماء؛ لا تحول أبداً بيننا وبين الاستفادة من تجارب الأمم، وخبرات الشعوب، ومعطيات العصر الذي نعيش. بل إننا مدعوون حسب مرتكزاتنا الحضارية، إلى أن نخوض غمار التنافس إلى أقصى مداه، ليكون لنا فيه فضل السبق، وأولوية التمكين .. وتبقى الحكمة بكل أبعادها، ضالتنا، أنى وجدناها فنحن أحق بها و أهلها..

ثانياً: في الأهداف العامة

يسعى الموقعون على هذا الميثاق، من خلال جهدهم السياسي النظري والعملي، إلى تحقيق الأهداف العامة التالية:

الهدف الأول: بناء الدولة الحديثة

وللدولة الحديثة تجسداتها الملموسة في الحياة الواقعية التي تشمل الفرد والمجتمع

فالدولة الحديثة، دولة تعاقدية، ينبثق العقد فيها عن إرادة واعية حرة بين الحاكم والمحكوم. والصيغة التعاقدية للدولة هي إحدى عطاءات الشريعة الإسلامية للحضارة الإنسانية.

والدولة الحديثة دولة مؤسسية، تقوم على (المؤسسة) من قاعدة الهرم إلى قمته. كما تقوم على الفصل بين السلطات، وتأكيد استقلاليتها. فلا مجال في الدولة الحديثة لهيمنة فرد أو سلطة أو حزب، على مرافق الدولة، أو ابتلاعها.

وفي الدولة الحديثة، تعلو سيادة القانون، ويتقدم أمن المجتمع على أمن السلطة، ولا تحل فيها حالة الطوارئ مكان الأصل الطبيعي من سيادة القانون.

والدولة الحديثة، دولة (تداولية)، ومن هنا جاء الاشتقاق اللغوي لكلمة (الدولة)، وتكون صناديق الاقتراع الحر والنزيه، أساساً لتداول السلطة بين أبناء الوطن أجمعين.

والدولة الحديثة.. دولة تعددية، تتباين فيها الرؤى، وتتعدد الاجتهادات، وتختلف المواقف، وتقوم فيها قوى المعارضة السياسية، ومؤسسات المجتمع المدني، بدور المراقب والمسدد، حتى لا تنجرف الدولة إلى دائرة الاستبداد أو مستنقع الفساد.

ودور الجيش في الدولة الحديثة يتركز في الدفاع عن الوطن وفي حمايته من أي عدوان خارجي. ويكون شرف الانتماء لهذه المؤسسة الوطنية، حقاً عاماً لجميع المواطنين، على أسس من المساواة والعدل.

الهدف الثاني: مواجهة تحدي البناء العام..

بناء الإنسان الفرد تربيةً ووعياً وسلوكاً والتزاماً، في عصر تعصف فيه رياح العولمة الهوجاء، بروح الإنسان وخصوصيته وانتمائه..

وبناء المجتمع .. المتكافل المتضامن، الذي تسوده المحبة والإخاء، وروح العدالة الاجتماعية في صورتيها: (الأصيلة) وما فيها من تلاحم وتعاون، و(المعاصرة) وما فيها من تنظيم ومؤسساتية ..

وبناء مؤسسات المجتمع المدني بوحداتها السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، والمهنية، لتأخذ دورها في حماية المجتمع وترشيده..

وبناء روح (الإنجاز) وقبول التحدي، ومقاومة كل أشكال الاسترخاء، والتواكل، والأنماط الاستهلاكية المدمرة والكسلى..

وبناء النظم والآليات التي تعين على استغلال ثروات الوطن، وتوظيفها في تطويره ونمائه، والحفاظ على كرامة أبنائه..

وبناء الضوابط والقواعد التي تحول دون انتشار الفساد بأشكاله وألوانه، وحياطة المال العام، وصون ثروات الوطن..

وبناء خطط التنمية العامة، لإخراج القطر من رهق المديونية، وأسر صندوق النقد الدولي واشتراطات النظام العالمي الجديد.

الهدف الثالث: التصدي للمشروع الصهيوني

يشكل المشروع الصهيوني، بأبعاده العسكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية، الخطر الأكبر الذي يهدد أمتنا وقطرنا، ويستدعي جمع القوى، وحشد الطاقات للتصدي له .. وهو مشروع يسعى للسيطرة على الإنسان والأرض والثروة.

يؤكد الموقعون على هذا الميثاق، عروبة الأرض الفلسطينية، وحق الشعب الفلسطيني في العودة الكريمة إلى أرضه ودياره، وتقرير مصيره ، وبناء دولته المستقلة..

يتمسك الموقعون على هذا الميثاق، بالأرض السورية المحتلة، ويتعاونون ويتعاضدون لاستعادتها كاملة السيادة.

يضع الموقعون على هذا البيان، الخطط والبرامج والآليات المناسبة، لمقاومة المشروع الصهيوني بأبعاده كافة، ولتعزيز سياسات المقاطعة، ووقف عمليات التطبيع والحديث الملحون عن (سلام) يمكن للعدو في الأرض، أو في الثروة، أو في إرادة الإنسان..

الهدف الرابع: السعي إلى تحقيق الوحدة العربية

إن السعي لتحقيق الوحدة العربية على أسس متينة من الروابط الاجتماعية، والثقافية، والاقتصادية، والسياسية.. واجب شرعي، وضرورة قومية. وإلى أن تتوفر الشروط الموضوعية لهذه الوحدة ، لا بد من العمل على إعادة التضامن العربي، وتجاوز كل الخلافات البينية، وفتح الحدود بين جميع الدول العربية، وإقامة سوق عربية مشتركة، للارتقاء بالعلاقات العربية العربية، إلى مستوى التحديات السياسية والاقتصادية والثقافية التي تواجه الأمة..

ثالثاً: أسس والتزامات

يؤكد الموقعون على هذا الميثاق:

1- أن المواطن الحر الموفور الكرامة، هو أساس بناء الدولة الحديثة، وإن أي إصلاح سياسي، أو اقتصادي، أو اجتماعي.. لا يمكن تحقيقه إلا من خلال احترام الإنسان وتكريمه، ورعاية حقوقه الإنسانية، والمدنية، والسياسية.. ومن ذلك حقه في المشاركة الإيجابية في صنع حاضر الوطن ومستقبله.

2- وأن المواطنة حقوق وواجبات، وأن المشاركة الإيجابية في القرار الوطني، وفي حماية الوطن، وفي بنائه والارتقاء به، واجب وطني، ليس لأحد حق الاستقلال به، أو الحجر عليه.

3- وأن الاختلاف بين الناس في الرؤية والاجتهاد والموقف، سنة من سنن الخلق، وحقيقة من حقائق الوجود الإنساني العام. وأن هذا الاختلاف مشروع ومعتبر، ما دام في إطار الثوابت الوطنية، وفي توجهات الخير والنفع العام (ولكل وجهة هو موليها، فاستبقوا الخيرات ..)

4- وأن تعبير (الناس سواسية كأسنان المشط) تجسيد حسي لواقع المساواة بين الناس، التي كان لشريعتنا وحضارتنا شرف التقدم بها إلى العالمين، وأن المساواة، وتكافؤ الفرص، يثمران الوحدة الوطنية، التي هي القاعدة  الأمكن للبناء الوطني المنشود.

5- وأن الاعتراف بالآخر الوطني (العقائدي والسياسي والفكري والثقافي ..) ركيزة أساسية من ركائز التفكير والحركة. ولقد أثبتت الأيام فشل سياسات الاستئصال أو التشويه أو تجفيف المنابع.. فليس في وسع أحد أن يمحو الآخر أو ينفيه.

6- وأن الحوار البناء، والجدال بالتي هي أحسن، هما الوسيلة الأقرب والأرقى للتعامل مع الآخر وفهمه، وبناء جسور التعارف والتقارب والتواصل معه، وإن من شأن الحوار الإيجابي أن يؤكد على (المشترك) وأن يحدد ويضيق مساحات الاختلاف.

7-  وأن أي اختلاف في الرؤى العامة والسياسات العليا والقرارات المصيرية، تحكمه صناديق الاقتراع الحر والنزيه، أو مؤسسات الدولة المنبثقة عن صناديق الاقتراع الحر والنزيه، أو القضاء العادل المستقل.

8- كما يؤكد الموقعون على هذا الميثاق، على التمييز المطلق  بين مصطلح الدولة (أرض ـ شعب ـ سلطات ـ قانون) وبين مصطلح الحكومة (السلطة التنفيذية) ويحذرون من تغول السلطة (التنفيذية) أو (الأمنية) على مقدرات الدولة (إنسانها ـ ومرافقها).

يلتزم الموقعون على هذا الميثاق…

1- بمواجهة التحديات الخارجية المفروضة على الوطن، مهما كان مصدرها وصبغتها، بروح البنيان المرصوص، معلين من شأن التضحية في سبيل حماية الوطن وأمنه وعزته..

2- بتقديم مصلحة الوطن العليا على المصالح الذاتية والخاصة، في كل الموازنات السياسية، مهما كان في التنازل عن المصلحة الذاتية من ألم أو تضحية أو شعور بالغبن.

3- بممارسة دورهم في الحياة العامة، بشفافية مطلقة، وتحت الشمس، بعيداً عن جميع أشكال التعتيم أو السرية. ويقاومون كل الأسباب والمدخلات التي تؤدي إلى إحراج العمل الوطني، أو دفعه للتستر والاختباء. ويشمل هذا الوضوح والنقاء: المبادئ والبرامج والسياسات والأنشطة والعلاقات..

4- بآليات العمل السياسي الديمقراطي ووسائله، مؤكدين الحق المتكافئ للجميع، في الاستفادة من إمكانات الدولة في توضيح مواقفهم، والانتصار لرؤاهم، وطرح برامجهم..

5- بنبذ (العنف) من وسائلهم، ويرون في الحلول الأمنية لمشكلات (الدولة والمجتمع)، وفي عنف السلطة التنفيذية، مدخلاً من مداخل الفساد. ويميز الموقعون على هذا الميثاق، بين الإرهاب الدولي كوسيلة من وسائل بث الذعر، والابتزاز السياسي، وبين أشكال المقاومات الوطنية، التي تلجأ إليها الشعوب في الدفاع عن حقوقها والانتصار لقضاياها.

6- بالتعاضد على حماية حقوق الإنسان، والمواطن الفرد، والانتصار للمظلوم والمستضعف، وصون المرأة والدفاع عن حقوقها، والتأكيد على مساواتها مع شقيقها الرجل في اعتبارات الأهلية الإنسانية والمدنية..

7- كما يبدي الموقعون على هذا الميثاق، تفهمهم للتدرج في تحقيق الأهداف العامة لهذا الميثاق، في ظلال الشعور بالمسؤولية الوطنية، وتقديرهم لظروف الواقع ومتطلباته، مؤكدين في الوقت نفسه على ضرورة معالجة الملف الإنساني بكل أبعاده، معالجةً سريعةً وشاملة.

(وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ، ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون)

 لندن في العاشر من صفر 1422

الموافق للثالث من أيار 2001

جماعة الإخوان المسلمين في سورية

 

البرنامج السياسي للتجمع الوطني الديمقراطي في سورية

التجمع الوطني الديمقراطي إطار سياسي مفتوح لأحزاب ومنظمات سياسية، وشخصيات عامة، ومواطنين مستقلين عن الأحزاب. يجمعهم هدف مشترك هو العمل في سبيل إرساء دولة الحق والقانون. تصون حرية الفرد، وحقوق الإنسان، وتكفل الحقوق المدنية والحريات الأساسية لجميع المواطنين على قدم المساواة، وتمهد السبيل إلى نظام ديمقراطي يحقق التنمية والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص. دولة ذات بنية ديمقراطية تقوم على مبدأ سيادة الشعب ووحدة المجتمع، وتعمل على ترسيخ حرية البلاد وتحرير المحتل منها ووضعها على طريق التقدم والازدهار، وتعزيز الخيارات المؤدية إلى النهوض القومي الديمقراطي والوحدة العربية.

بعد حوار ديمقراطي، تأسس التجمع الوطني الديمقراطي عام 1979 بين خمسة أحزاب سياسية ذات تلاوين أيديولوجية مختلفة، هي: حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي، والحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي، وحزب العمال الثوري العربي، وحزب البعث العربي الاشتراكي الديمقراطي، وحركة الاشتراكيين العرب للإسهام في رسم طريق سلمي يخرج البلاد من أزمتها، ويجنبها المخاطر التي كانت تنذر بها الأوضاع المتفجرة آنذاك، والتي كادت أن تعصف بها وتهدد نسيجها الاجتماعي ووحدتها الوطنية. ولا يزال التجمع وفياً للمبادئ التي قام عليها ومن أهم هذه المبادئ: الاعتراف بالتنوع والاختلاف، واعتماد الحوار الديمقراطي، والانطلاق من الوحدة الوطنية والمصلحة العامة والاحتكام إليهما، والثقة بقدرات الشعب، والاعتراف بحقه في اختيار النظام السياسي الاجتماعي الاقتصادي الذي يحقق مصالحه، ونظام الحكم الذي يحمي هذه المصالح ويصونها، ويعبر عن هويته القومية.

وإذ لجأت السلطة إلى الخيار الأمني والقوة العارية آنذاك، تمسك التجمع بخياره الوطني الديمقراطي معارضاً نهجها، ومطالباً بتغييره بما يمكن الشعب وقواه الديمقراطية من الإسهام الإيجابي في الحياة السياسية. وأصرت السلطة على نهجها، فاتجهت الأزمة نحو التفاقم، واتجهت الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية نحو المزيد من التردي. في ظل تلك الظروف، تعرض التجمع، مثله مثل قوى سياسية واجتماعية أخرى وكثير من المواطنين الذين لا علاقة لهم بالعمل السياسي، لحملات قمع ومحاولات تصفية واستئصال فقد فيها العديد من المناضلين، وزجت الأجهزة بالمئات من أعضائه وأنصاره في السجون والمعتقلات لسنوات طويلة.

أولى التجمع، منذ تأسيسه، أهمية خاصة للديمقراطية، ورأى فيها مدخلاً للارتقاء بالعلاقات السياسية إلى مستوى علاقات المواطنة، وبالمجتمع إلى مستوى المجتمع المندمج وطنياً واجتماعياً، وبالدولة إلى مستوى الدولة الوطنية. كما أدرك العلاقة بين الديمقراطية والقومية، فغدا المشروع القومي في رؤيته مرتبطاً أوثق ارتباط بالنهوض الديمقراطي ولا ينفك عنه. فإن غياب الديمقراطية أو تغييبها هو الذي يلجم المشروع الوحدوي ويحتجزه في مستنقع التجزئة والاستبداد ولذلك بنى رؤيته وموقفه على أساس أن النهوض الديمقراطي هو ذاته النهوض القومي، أي نهوض الأمة، وأن السياسة فاعلية اجتماعية ومجتمعية، وتعبير عن توافق الفئات الاجتماعية ذات المصالح المختلفة على أن مصالحها تتحقق في نطاق المصلحة الوطنية والقومية. وكان التجمع سباقاً إلى تبني الديمقراطية أساساً للعمل الوحدوي، وشرطاً لازماً لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي للأرض العربية، ولمواجهة الهيمنة الأمريكية، ومقدمة ضرورية قد تستغرق مرحلة طويلة للانتقال إلى نظام اجتماعي أكثر عدالة وإنسانية.

التجمع الوطني الديمقراطي يؤمن بحق جميع المواطنين في ممارسة السياسة، وبمشروعية المعارضة، ومشروعية الاختلاف، ويرى في السياسة وظيفة اجتماعية من وظائف الفرد ملازمة لوظائفه الأخرى.

ولما كان للماضي قيمة تفسيرية، فإن التجمع الوطني الديمقراطي يرى أن معظم الأسباب الداخلية للأزمة السياسية التي نشأت واستمرت لا تزال قائمة تحتاج إلى معالجة جذرية. وفي مقدمة تلك الأسباب احتكار السلطة، وفرض الوصاية والولاية على الشعب، ونزع السياسة من المجتمع، ومصادرة الحريات الأساسية، وإطلاق أيدي المحاسيب والأزلام في الأموال العامة في سائر المرافق، مما أنتج حالة من الفساد لم تعد تعبيراً عن انحطاط أخلاقي فحسب، بل تعبير عن انفصال الحكم عن الشعب، وتعبير عن حلول الامتيازات محل الحقوق، والولاءات المختلفة محل القانون.

ومما أدى إلى تفاقم الأزمة وشمولها جميع مجالات الحياة الاجتماعية استمرار العمل بقانون الطوارئ والأحكام العرفية وإطلاق يد الأجهزة الأمنية في حياة المواطنين العامة والخاصة، حتى غدت هذه الأجهزة هي السلطة الفعلية، وطبعت جميع مؤسسات الدولة والمجتمع بطابعها.

فتحولت الدولة إلى دولة أمنية كل مواطن فيها متهم وإذ تمر البلاد اليوم في مرحلة انتقالية جديدة تتيح إمكانية الحوار والتواصل بين القوى الاجتماعية والتيارات الفكرية والسياسية، وترسي المقدمات الضرورية لمصالحة وطنية هي الشرط الرئيس لتجاوز رواسب الماضي، وحل مشكلات الحاضر التي بات حلها يستدعي مشاركة جميع قوى المجتمع، يتوجه التجمع الوطني الديمقراطي إلى جميع الفئات الاجتماعية، رجالا ونساء من الفئات الوسطى والمثقفين خاصة وإلى العمال والفلاحين وفقراء المدن، والطلاب، وإلى العناصر البورجوازية الوطنية من صناعيين وتجار بهذا البرنامج السياسي إسهاماً منه في إعادة إنتاج السياسة في المجتمع وتمهيد سبل الإصلاح السياسي والدستوري والاقتصادي والإداري، وإصلاح القضاء والتربية والتعليم، وتحسين الخدمات الاجتماعية والمحافظة على الأملاك العامة والثروات الوطنية واستثمارها على الوجه الأمثل، للخروج بالبلاد من حالة العطالة والركود ومن حالة التأخر والتابعية والاستبداد.

ويعتقد التجمع أن الأزمة التي تراكمت عناصرها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والأخلاقية وتشابكت، أصبحت أزمة شاملة، والمخرج من هذه الأزمة لا يمكن أن يكون إلا مخرجاً سياسياً، يعيد بناء الحياة السياسية على أساس المواطنة التي لا تقبل التفاضل والتفاوت، وعلى مبدأ سيادة القانون على الحاكم والمحكوم ففي ظل الإصلاح السياسي، يمكن مكافحة الفساد وإصلاح الاقتصاد والإدارة العامة والقضاء والتعليم والإعلام وغيرها من ميادين الحياة الاجتماعية. وأن إصلاح أي من هذه المجالات لا يمكن أن يحقق نتائج إيجابية إن لم يكن في إطار تصور عام لإصلاح سياسي ومن البديهي أن الخروج من هذه الأزمة، التي تراكمت عناصرها على مدى أربعة عقود، لا يمكن أن يتم بين يوم وليلة، ولا يمكن أن يتم دفعة واحدة، ولا يمكن أن تقوم به السلطة وحدها، ولا المجتمع وحده، بل لا بد أن يكون متدرجاً وعقلانياً وأن تشارك فيه جميع قوى المجتمع والدولة.

بيد أن تراخي الزمن ليس في مصلحة الإصلاح والقوى الراغبة فيه والساعية في سبيله، بل من شأنه أن يزيد الأوضاع تعفناً وفساداً. والإصلاح سيظل يلاقي مقاومة مختلفة الأشكال من القوى التي أثرت على حساب الشعب، واستفادت من غياب القانون، ومن غياب الرقابة الشعبية والرسمية، ومن نزع السياسة من المجتمع، لتمارس جميع الأعمال غير المشروعة مما يطرح ضرورة تعاضد جميع القوى الوطنية صاحبة المصلحة في الإصلاح. ومن هذه الزاوية نطرح هذه الموضوعات البرنامجية إسهاماً في الحوار الوطني حول أوضاع بلادنا ومستقبلها.

أولاً: الأهداف والمطالب العامة

1- بناء الدولة الحديثة ويتم ذلك من خلال وقف العمل بحالة الطوارئ والأحكام العرفية، وإلغاء جميع المحاكم الاستثنائية والقوانين ذات الصلة. ولا بد من الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي والضمير. وحل مشكلة الملاحقين أمنيا لأسباب سياسية، والسماح بعودة جميع المبعدين والمحرومين من العودة إلى الوطن للأسباب ذاتها، وإعادة الاعتبار القانوني لجميع المحرومين من الحقوق المدنية بموجب أحكام المحاكم الاستثنائية، وإعادة العاملين منهم إلى أعمالهم وصرف جميع أجورهم، والتعويض المادي والمعنوي على جميع الذين شملهم الاعتقال السياسي والتوقيف التعسفي، ومعالجة قضية المفقودين بما يضمد الجراح ويطوي ملف الماضي حرية الفرد وحقوق الإنسان: بناء العلاقات الاجتماعية والسياسية على أساس.

2- حرية الفرد وحقوق الإنسان، وحرية الفئآت الاجتماعية والنقابية وأحزابها السياسية في نطاق الدستور والقانون. ولا يتأتى ذلك إلا بكون الدولة دولة جميع مواطنيها بلا استثناء وبكون الأفراد أعضاء كاملي العضوية في المجتمع والدولة المساواة.

3- منع التمييز بين المواطنين، أو انتقاص حقوقهم، أو الاعتداء على حرياتهم العامة والخاصة، أو منح بعضهم امتيازات على حساب بعضهم الآخر لذلك يجب إلغاء جميع السياسات التمييزية إزاء المواطنين، ولا سيما في ميادين العمل والتعليم والإيفاد، والبعثات العلمية، وغيرها. وإعادة الاعتبار لمفهوم الكفاءة والجدارة والاستحقاق، ووضع المواطن المناسب في المكان المناسب، رجالاً ونساء. وإلغاء جميع الممارسات التمييزية إزاء المواطنين من غير العرب، ولا سيما المواطنين الأكراد، وحل مشكلة المحرومين من الجنسية وفق المبادئ الوطنية والإنسانية، التي يقرها الدستور.

4- فصل السلطات: الأخذ بمبدأ فصل السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية، واستقلال كل منها بوظائفها التي يحددها الدستور، وإعادة الاعتبار لهذه السلطات لتكون سلطات فعلية قادرة على القيام بمهامها.

5- الدستور: تعديل الدستور أصبح ضرورة ملحة في ضوء التحولات الاجتماعية السياسية بعد إخفاق تجارب الاشتراكية المحققة في الاتحاد السوفييتي السابق ودول أوربة الشرقية، وفي ضوء ما أسفرت عنه نسخها المشوهة من نتائج، في العالم الثالث، وينبغي أن يتضمن التعديل توفير الشروط المناسبة لدعوة جمعية تأسيسة وطنية تضم ممثلي مختلف القوى والفعاليات الاجتماعية والسياسية والثقافية، لوضع دستور ديمقراطي جديد للبلاد يتجاوز مبدأ الحزب القائد للدولة والمجتمع، وصيغة الجبهة التي تحتكر الحقل السياسي، ومبدأ الديمقراطية الشعبية، ويؤكد مبدأ سيادة الشعب وسيادة القانون.

6- الانتخاب: إعادة الاعتبار لمبدأ الانتخاب الحر المباشر والسري في جميع المستويات لأنه من أهم مبادئ الديمقراطية وآلياتها العملية، ولا سيما انتخاب ممثلي الشعب إلى المؤسسة التشريعية. وحضور المجتمع في الدولة حضوراً فعلياً منوط بصحة الانتخابات التشريعية ونزاهتها، وبوظائف المؤسسة التشريعية. وليس من الممكن ردم الهوة القائمة بين الدولة والمجتمع إلا بوضع قانون انتخاب ديمقراطي يتيح لسائر قوى المجتمع انتخاب ممثليها إلى البرلمان، على أساس حزبي ونسبي. وإجراء انتخابات عامة حرة ونزيهة تحت إشراف القضاء.

7- الحريات العامة: إطلاق الحريات العامة، وخاصة حرية العمل الاجتماعي والسياسي، وحرية التنظيم، وسن قانون ديمقراطي للأحزاب والجمعيات، يضمن التعددية السياسية والحزبية، ويعيد تأسيس مشروعية الجمعيات المدنية على أساس ما تقوم به من وظائف اجتماعية حكم محلي: يتمتع بسلطات فعلية مؤسس من خلال الانتخاب الشعبي الحر.

8- الإعلام: سن قانون ديمقراطي جديد للصحافة والنشر والإعلام والمطبوعات يجسد حرية الفكر والرأي، ويجعل من الإعلام الوطني الحر لسان حال المجتمع، بكل ما ينطوي عليه من غنى وتنوع، وعينه الساهرة على المصلحة العامة، وسلطة رابعة تقوم بوظيفة الرقابة والنقد والتوجيه والتقويم، وتحفز الإبداع في جميع فروع المعرفة وميادين الثقافة، وتجعل من الثقافة الوطنية حاضنة للسياسة، إعلام يطلق عنان المنافسة الشريفة الحرة.

9- الجيش: الجيش الوطني مهامه الرئيسية: حماية السيادة الوطنية، واستعادة الأراضي المحتلة، وحماية النظام الديمقراطي. يعمل على تطوير قدرته القتالية، ويقوم على الانضباط والتسلسل والتعاون ومنع السخرة وتأكيد لحمته الوطنية بلا تمييز لأي سبب بما فيها الأسباب العقائدية أو السياسية أو الفئوية، وتطوير قوانين الخدمة العسكرية والاحتياط بما يحقق العدل والمساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات.

10- الأمن: إنهاء عهد الدولة الأمنية إلى غير رجعة. ومنع تدخل الأجهزة الأمنية في حياة المواطنين وشئونهم لتوضع في خدمة أمن الوطن ومكافحة الجاسوسية، ولحماية أمن المواطن وسلامته، وسيادة القانون.

ثانياً: في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية

تقوم رؤية التجمع على إصلاح البناء الاقتصادي والاجتماعي وفق الأسس التالية:

1- بناء اقتصاد وطني هدفه الرئيس تلبية حاجات المجتمع وترقية الحياة العامة والنهوض بعملية الإنتاج والاستثمار الأمثل للموارد البشرية والمادية، في ضوء التقدم العلمي والتقني المطرد والمتسارع الذي يشهده عصرنا والتأكيد على التوازن بين إطلاق الحريات الاقتصادية العامة والحفاظ على دور التنمية الوطنية سواء على صعيد قطاع الدولة الاقتصادي. إن هذا الدور يقوم على:

أ- المحافظة على قطاع الدولة الاقتصادي في قطاعات الإنتاج الأساسية ولا سيما القائمة منها على استثمار الثروات الطبيعية، والمتعلقة بالبنى التحتية والخدمات العامة كالماء والكهرباء والمواصلات والاتصالات والصحة والتعليم، والآثار، وتحويل هذه القطاعات إلى أقطاب تنمية أساسية.

ب- حرية القطاع الخاص وتعزيز دور المنتجين ومبادراتهم، وإطلاق آليات السوق التنافسية، وتقديم التسهيلات الخدمية والقانونية حسب الحاجة والمصلحة الوطنيتين وفق أولويات الاقتصاد الوطني وحاجات التنمية.

ج- دعم وتشجيع القطاع التعاوني والمشترك إعادة تأهيل قطاع الدولة الاقتصادي نظرا لما أصاب هذا القطاع من ضعف وركود، وتراجع في العمليات الإنتاجية، وما تعرض له من فساد وتخريب ونهب سافر وثراء غير مشروع وتهريب، ومن عقبات بيروقراطية وتشابك أنظمة.

2- إن إعادة توزيع الدخل والثروة الوطنية تهدف إلى ضمان الحد الأدنى للحياة لجميع المواطنين عبر ربط الحد الأدنى للأجر بمقتضيات الحد الأدنى للمعيشة، وتوفير المستلزمات الاجتماعية من ضمان صحي، وتعليم مجاني، وضمان حق العمل والشيخوخة لجميع المواطنين.

3- على أن يصار إلى إعادة توزيع الأعباء الضريبية، بفرض ضريبة تصاعدية على الأرباح، وفرض ضريبة مناسبة على الاستهلاك الترفيه والكمالي، بما يحقق حدا مقبولا من العدالة الاجتماعية، وينهض بأغلبية الشعب إلى مستوى الحياة الإنسانية اللائقة، وبما يتلاءم وموقع الفئات الاجتماعية.

4- على سلم الإنتاج الاجتماعي وحجم الأعباء الواقعة على كاهل كل منها في التنمية الوطنية.

5- الاهتمام الجدي بالزراعة وتطويرها، وتسهيل القروض الزراعية، ووضع سياسة أسعار صحيحة تشجع الإنتاج، ومساعدة الفلاحين بالقروض والبذار والأسمدة، وتسهيل حصولهم على الآلات الحديثة، وتشجيع العمل التعاوني بين الفلاحين.

6- إن التجمع الوطني الديمقراطي ينظر إلى الإصلاح الاقتصادي على أنه إصلاح سياسي في المقام الأول، وهو لا يسوغ الدعوة إلى الخصخصة وحرية السوق ولا يعارضهما بالانغلاق على الذات وتسويغ فساد القطاع العام، بل ينظر إليه من زاوية المصلحة الوطنية، والتكامل الاقتصادي العربي، وأولوية السوق العربية المشتركة، التي يمكن أن تنتج نوعا من تقسيم عربي جديد للعمل، فيما إذا فتحت الحدود بين الأقطار العربية، وسمح بانتقال الأشخاص والبضائع والرساميل فيما بينها بحرية تامة، وضمانات قانونية مشتركة وتعرفة جمركية موحدة، وفيما إذا أقيمت مشروعات مشتركة في جميع المجالات.

7- إن قضية الشباب من الجنسين قضية مؤرقة، سواء ما يتعلق منها بتدني مستواهم المعيشي، وزيادة عدد العاطلين عن العمل في أوساطهم، أو ما يتعلق بنمو حاجاتهم المادية والمعنوية، وتعطشهم إلى حياة إنسانية لائقة وعصرية تسمح بتنمية ملكاتهم، وإطلاق قدراتهم الإبداعية والإنتاجية، في مختلف ميادين العمل والمعرفة، أو ما يتعلق منها بتدني نوعية التعليم والعمل، إن معالجة هذا الواقع يتطلب تحقيق المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع الشباب، وإيجاد فرص عمل حقيقية للجميع. كما يتطلب من جهة ثانية تطوير التعليم وتحديثه.

8- في البحث العلمي: في ظل تقدم العلم والتقانة، وتحول العلم إلى قوة إنتاج، يحتل البحث العلمي موقعا رئيسيا في نمو الإنتاج وتقدم المجتمع، فلابد من تشجيع البحث العلمي في جميع المجالات، وتخصيص نسبة ملائمة من الناتج المحلي لهذا الجانب، وإقامة مراكز البحث العلمي في الجامعات والمؤسسات العامة الكبرى.

9- في قضايا المرأة: تشكل المرأة نصف المجتمع، وهي ركن أساسي فيه، وقد عانت من غبن تاريخي نجم عن التأخر والاستبداد، مما يقتضي إزالة جميع القيود التي تحد من قاعدة المساواة في الحياة العامة، يساعد على بناء جيل ديمقراطي متحررمن عقد الماضي، ومتطلع إلى بناء مجتمع حر متقدم.

10- الدين لله، والوطن للجميع، والدولة للجميع، ولا إكراه في الدين. انطلاقاً من هذا يرى التجمع في الدين أحد المجالات الأساسية لحياة الفرد وحياة المجتمع الروحية. وينظر إليه على أنه مبدأ معرفة ومبدأ حرية، ومبدأ عمل، ومبدأ جهاد، جهاد النفس الأمارة بالسوء، وأن ميدانه الذي ينمو فيه، وفق قوانينه الخاصة، هو المجتمع المدني، وأن الدين يفقد مضمونه الروحي ووظيفته الأخلاقية حين يتحول إلى أداة في خدمة أهداف سياسية، أو إلى أيديولوجية تبرير وتسويغ للقهر والاستبداد، أو غطاء للجهل والتخلف والحجر على الحاضر والمستقبل باسم الماضي. فإن الدين وجد من أجل الإنسان ومن أجل تحسنه وتقدمه. فإصلاح الفكر الديني وتجديده وجعله مستقبلياً من أهم عوامل النهوض والتقدم. ويؤمن التجمع بحرية الفكر والضمير وحرية التعبير وحرية الاعتقاد، ويؤكد حق جميع المؤمنين وحريتهم في ممارسة شعائرهم الدينية، بما يتفق ومبادئ النظام العام، ويعزز وحدة المجتمع ويعمق الاندماج الوطني.

ثالثاً: في السياسة العربية والدولية

1- وانطلاقاً من رؤيته القومية الديمقراطية، يعتقد التجمع أن ثمة ارتباطاً بين النزعة القطرية المغلقة وبين التابعية والاستبداد، ومن ثم فإن النهوض الديمقراطي ببعديه السياسي الاجتماعي هو الذي يوفر الشروط الموضوعية ويحفز العوامل الذاتية للعمل الوحدوي، على اختلاف أشكاله وتعدد مستوياته. فالوحدة العربية لم ولن تتحول إلى حقيقة سياسية واقعية إلا بنهوض الحركة الشعبية ونمو وعيها بأهمية الوحدة العربية وضرورتها.

ولا يزال التجمع يرى أن الوحدة العربية ممكنة وراهنة، وأنها الشرط اللازم وغير الكافي لنهضة الأمة وتقدمها، وخروجها من أسوار التأخر والاستبداد، والشرط اللازم وغير الكافي أيضاً لكسب الصراع التاريخي مع العدو الإسرائيلي الصهيوني العنصري، وتحرير سائر الأراضي العربية واستعادة جميع الحقوق المغتصبة، وفي مقدمها حق الشعب العربي الفلسطيني في أرضه ووطنه وفي إقامة دولته المستقلة على أرض فلسطين.

لذلك يدعو التجمع ويعمل في سبيل تعزيز التضامن العربي على الأسس والمبادئ التي تحقق المصالح القومية المشتركة وتصونها وتفضي إلى الوحدة العربية. كما يدعو إلى ويعمل في سبيل تعزيز دور الجامعة العربية تطويره، وفي سبيل تعزيز الأطر والتنظيمات الاجتماعية القومية، كاتحاد المحامين العرب واتحاد العمال العرب واتحاد البرلمانات العربية، وغيرها وتفعيل دورها، بما هي أطر شعبية للعمل الوحدوي، واستحداث أطر جديدة اجتماعية وسياسية تشمل جميع المجالات، بما يؤدي إلى إقامة شبكات قومية للمؤسسات والتنظيمات الاجتماعية المدنية والجمعيات غير الحكومية تحصن الوطن العربي والمجتمعات العربية من محاولات الاختراق التي لا تفتر.

2- ويعتقد التجمع أن العمل الوحدوي الجدي يبدأ في انتهاج سياسات اجتماعية واقتصادية وثقافية وطنية ديمقراطية ترسي الأسس الموضوعية للوحدة العربية وتمهد السبل المؤدية إليها وينظر التجمع إلى الصراع العربي الإسرائيلي على أنه صراع تاريخي ارتبط منذ بداياته الأولى، ولا يزال يرتبط بالتوسع الرأسمالي وبحركة الاستعمار الغربي، ثم بالهيمنة الإمبريالية من جهة، وبالتأخر التاريخي الذي يتجلى في التجزئة القومية من جهة أخرى.

كما ينظر إليه على أنه صراع وجود مرتبط بميزان القوى الدولي والإقليمي والعربي، لا بميزان القوى العربي الإسرائيلي فقط وقد كان هذا الميزان ولا يزال في مصلحة إسرائيل، وما كان له أن يكون كذلك بصورة مطردة لولا التأخر والتجزئة والاستبداد في الجانب العربي. وقد سنحت فرصة تعديل هذا الميزان بمحاولة النهضة العربية الثانية التي قادها (جمال) عبد الناصر، ولكن الأمة العربية ضيعت تلك الفرصة التاريخية. فإثر اغتيال الجمهورية العربية المتحدة، جنين الدولة القومية الحديثة، جاءت هزيمة الخامس من حزيران عام 1967، ثم وفاة عبد الناصر وانكفاء المد القومي وانحساره لتدفع الأوضاع العربية نحو التردي، ونحو تعمق القطرية واندراج أنظمتها في نظام الأمن القومي الأمريكي، وتنامي الاستبداد الذي أخرج كتلة الأمة الأساسية من دائرة الفعل التاريخي، ويكاد يخرج الأمة كلها من التاريخ.

وقد ظهرت الآثار المباشرة لتردي الأوضاع العربية في اتفاقات كامب ديفيد ومعاهدة الصلح التي أبرمها السادات مع إسرائيل، ثم في العدوان الأمريكي على العراق، وما أعقبه من تسويات مذلة مع العدو الصهيوني ولذلك يرى التجمع أن هذا الصراع مرتبط أوثق ارتباط وأشده بمشروع النهضة القومية الديمقراطية ومتوقف عليه إن صراعاً تاريخياً كالصراع العربي الإسرائيلي لا تحسمه الجيوش، ولو قاتلت مجتمعة، بمعزل عن عمقها الاجتماعي ومستوى تطور شعوبها وتقدمها، فالقوة العسكرية دوماً هي المحصلة النهائية لعناصر القوة في المجتمع المعني، ولا تنهيه تسويات ومعاهدات مذلة تبرمها أنظمة قطرية تابعة لا تحظى بثقة شعوبها واحترامها.

3- ومع ذلك فإن صراعاً كهذا لا بد أن تتخلله مفاوضات وتسويات ومعاهدات مرحلية تقررها نسبة القوى ومجريات الصراع، كما تتخلله حروب ومهادنات. والتجمع لا يرى في أي من التسويات التي حصلت والتي يمكن أن تحصل، أو فيها جميعاً، نهاية الصراع مع العدو الصهيوني، بل مرحلة من مراحله ولحظة من لحظات سيرورته التاريخية. ولا يتوقف عند الموقف اللفظي في قبولها أو عدم قبولها، بل يدعو ويعمل في سبيل تعديل نسبة القوى التي فرضتها، شأنها في ذلك شأن نتائج المواجهات العسكرية المباشرة. فلا بد أن تقاوم الأمة العربية ولا بأس أن تفاوض، ولكن من دون أن تنسى لحظة واحدة أن هذا الصراع لا بد أن يحسم في النهاية لمصلحة أحد طرفيه على قاعدة التأخر التاريخي والتجزئة القومية والتبعية للسوق العالمية والاحتلال الإسرائيلي.

4- كانت تتضح أكثر فأكثر معالم الدولة القطرية المرسملة التابعة والمحكومة موضوعياً بمعادلات القوة الإقليمية والدولية والتزاماتها وراحت قواعد الحكم وآليات مراكمة السلطة تعمق الهوة بين الأيديولوجية القومية والاشتراكية والممارسة العملية، وتعمق من ثم الهوة بين أكثرية الشعب التي تدنت أوضاعها المعيشية إلى ربع ما كانت عليه قبل عام 1970 وبين بيروقراطية الدولة العليا وبطانتها التي استأثرت بالجزء الأعظم من الثروة الوطنية وناتج عمل الشعب.

وفي ظل العولمة الاقتصادية الجديدة وقواعد النظام العالمي الجديد التي يقررها الأقوياء، وفي ظل عربدة الولايات المتحدة الأمريكية وعدوانها الهمجي على أمتنا وعلى جميع الشعوب الضعيفة واستهتارها بالقيم الإنسانية والشرائع والقوانين الدولية، ودعمها غير المتناهي للصهيونية والعنصرية، بات من الضروري والملح استعادة الدولة الوطنية المعبرة عن الكلية الاجتماعية، وتحرير المجتمع من براثن العسف والقمع والاستبداد. فللتتضافر جميع الجهود في سبيل الإصلاح والتغيير الوطني الديمقراطي لمصلحة الجميع.

5- وأخيراً، يعلن التجمع الوطني الديمقراطي نفسه حركة سياسية معارضة، تنتهج أسلوب المعارضة الديمقراطية العلنية. ويرى في العلنية خاصة اختياراً سياسياً مبدئياً لا عودة عنه مهما تكن الظروف. ويرى في الحوار مع جميع القوى والأحزاب والتنظيمات السياسية بلا استثناء، مدخلاً ضرورياً لإعادة إنتاج السياسة في المجتمع، ولإعادة توحيد حقله السياسي الذي تشظى منذ عقود فأنتج خصومات وعداوات لا مسوغ لها بعد مرور الزمن وتغير الظروف. ويدعو جميع المواطنين رجالاً ونساء وشباباً وشابات ممن لهم مصلحة فعلية في التغيير الوطني الديمقراطي أن يلتفوا حول برنامجه ويرفدوا حركته من أجل مجتمع حر ودولة وطنية ونظام ديمقراطي.

 التجمع الوطني الديمقراطي في سورية - القيادة المركزية

دمشق في20/12/2001

 

النظام الأساسي للتجمع الوطني الديمقراطي

التجمع الوطني الديمقراطي في سورية تحالف سياسي للمعارضة الديمقراطية، بتياراتها الوطنية المتعددة، يجمعها على اختلاف رؤاها الأيديولوجية هدف مشترك هو التغيير الوطني الديمقراطي وإقامة دولة الحق والقانون التي تصون وحدة المجتمع وتعبر عنها، وتعمل

على إرساء الحقوق الأساسية للمواطن وتحقيق العدالة الاجتماعية والتجمع إطارا للتفكير والعمل وممارسة الديمقراطية لمجموعة من المهتمين بالشأن العام والملتزمين بالأهداف الكبرى لأمتهم العربية وبمشروع نهوضها، وبالتصدي للمعوقات الداخلية والخارجية التي تعترض سبيل تحررها ووحدتها وتقدمها.

يسعى التجمع ليصبح إطاراً سياسياً تتفاعل فيه الأحزاب والهيئات والشخصيات من خلال الممارسة والعمل المشترك لتحقيق برنامجه الوطني اللازم لبناء الحياة السياسية على أسس ديمقراطية. وهو يتسع ليشمل مجموعات متنوعة ثقافية ومهنية وشعبية وديمقراطية، تعبر عن مصالح وتوجهات قطاعات واسعة من مجتمعنا، وهو لا يصادر حق أي حزب في التعبير عن نفسه، كما لا يصادر حق الطبقات والفئات الاجتماعية المختلفة في إنتاج تعبيراتها السياسية.

إن معيار عضوية العضو في التجمع هو مدى وعيه لدوره في المجتمع والدولة والعضوية هنا تعني الفاعلية والمشاركة والتزام الحقيقة لإنجاح برنامج التجمع، والدفاع عن الوطن ومصالح الشعب. وعن حق المواطنين في الأمن والعمل وتكافؤ الفرص. وعضوية التجمع الوطني الديمقراطي مفتوحة لكل مواطن سوري أو عربي مقيم في سورية، يوافق على برنامجه السياسي، على أن تتوفر فيه الشروط التالية:

أ- أن يبلغ الثامنة عشر من عمره.

ب- أن يكون محترماً في وسطه الاجتماعي.

ج- أن لا تكون عليه شبهة المشاركة بالقمع أو الفساد في الدولة والمجتمع.

د- أن ينتسب إلى إحدى هيئات التجمع ويؤدي التزامه المالي.

وتحدد الحقوق الأساسية لعضو التجمع بإسهامه في نقاش ورسم برنامج التجمع وخطه السياسي في اجتماعات هيئاته، وحقه في التعبير بحرية عن وجهة نظره التي تمليها عليه مسئوليته، وكذلك في نشاطات التجمع وممارساته العامة، وممارسته حق الانتخاب والترشيح عبر هيئات التجمع ومؤسساته القائمة. كما تتحدد واجباته في العمل على نشر برنامجه وتعميم خطه السياسي وتنفيذ قراراته وتوسيع صفوفه.

عضوية التجمع في سورية مفتوحة لأي حزب سياسي أو مجموعة أو جمعية سياسية أو ذات بعد سياسي، شريطة الموافقة على برنامجه، والالتزام بنظامه الأساسي ولا يتم قبول أي حزب أو جمعية أو منظمة أو جماعة في إطار التجمع إلا باتفاق جميع أطراف هيئة القيادة المركزية مجتمعة، أي لكل طرف حق الاعتراض بالتساوي في مضمون هذه المادة فقط على أن يحق لأي طرف في التجمع طرح قبول التنظيم من جديد بعد ستة أشهر من اعتراض أحد الأحزاب عليه. وفي حال استمرار الاعتراض يطرح الموضوع على أول اجتماع للمجلس الوطني الذي يعود له إقراره بأكثرية ثلثي الأعضاء.

هيكلية التجمع

تتألف هيكلية التجمع على النحو التالي:

 أولاً: المؤتمر العام للتجمع: هو أعلى سلطة فيه وينعقد كل ثلاث سنوات بدعوة من المجلس الوطني أو من ثلث أعضاء المؤتمر العام.

 ثانياً: المجلس الوطني: ويتم انتخابه من المؤتمر العام.